السلم الديمقراطي
من بين المفاهيم الأساسية التي يروج لها أنصار العولمة السياسية في مفهوم "السلم الديمقراطي" و الذي تعود جذوره لأفكار مفكر و فيلسوف النهضة الايطالية Dante allege في القرن 15 و طروحات المفكر الألماني إيمانويل كانط في القرن 19 و التي تقوم على فكرة أساسية مفادها أن :
الديمقراطية تنشأ ثقافة الحوار ، و الحوار هو الآلية الأساسية للوقاية من الأزمات و منع تفاقمها لتصبح حالة مستعصية من العنف المسلح، أي أن السلم المجتمعي بأشكاله السياسية و الثقافية والاجتماعية و الاقتصادية تقتضي تطوير آليات الحوار و لا يمكن لهذه أن تكون فعالة إلا في ظل نظام الديمقراطية المشاركتية .
كما يستخدم مفهوم السلم الديمقراطي للترويج للقيم السياسية الليبرالية حسب منطق يقول أن السلم العالمي يستدعي الديمقراطية لأن التاريخ لم يعرف حروبا بين الديمقراطيات، لأن الديمقراطية تقوم على الإجماع ، العقلانية ،و الحوار و بالتالي تغلب الدبلوماسية على الحرب. و لكن التحليل الموضوعي للسياسية العالمية يؤكد على أن أغلب الحروب و الحملات الاستعمارية و الاستدمارية في العالم كانت وراءها أنظمة ديمقراطية : الولايات المتحدة الأمريكية ، فرنسا ، و بريطانيا . أما منطق السلم الديمقراطي بمعنى الهندسة السياسية فيقوم أساسا على مجموعة من المبادئ و هي :
-1- ضرورة تطوير ثقافة ديمقراطية محلية تكرس الاختلاف، التعددية و الحوار مع احترام الخصوصيات المجتمعية للدولة.
-2- ضرورة تبني نمط دولي و مؤسساتي يتماشى مع الطبيعة الاجتماعية للدولة ومستوى نموها.
-3- ضرورة تفعيل شروط المشاركة السياسية لخلق حركية حوار دائم قادرة على احتواء الأزمات قبل تحولها لشروخات سياسية و اجتماعية عنيفة .
-4- تمكين العدالة المستقلة من فرض قواعد دولة الحق و القانون كشرط أساسي لتمكين الإنسان-المواطن من حقوقه.
-5- ضرورة جعل العدالة التوزيعية المعيار الأساسي المحدد لسلوك الدولة لمنع التهميش ، الإحباط ، التطرف ، و العنف .
فالسلم الديمقراطي إذن هو نتاج وجود ثقافة و آليات ديمقراطية تكرس الاختلاف و التعددية و تأسس لدولة الحوار و المشاركة لا الإملاء و الإقصاء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق