التباين السلطوي
من بين المفاهيم الأساسية للهندسة السياسة نجد "مفهوم "التباين السلطوي " الذي يهدف إلى أن يعوض المفهوم الدستوري الكلاسيكي للفصل بين السلطات المطور في عصر النهضة الأوربية من طرف Montesquieu و أتباعه .فالتباين السلطوي يعتبر أن في عالم تتعقد فيه الحاجات و تتشابك فيه التفاعلات الدولية و الوطنية و خاصة بوجود الآليات المساعدة على اتخاذ القرارات بسرعة و بحوار مستمر (أليات الإتصال و التواصل الحديثة) و حرصا على تلبية أكبر قدر من الحاجات للمواطنين، و تفعيلا للمشاركة السياسية كحق سياسي محوري يهدف للوصول إلى حد أقصى من الشفافية و العقلانية السياسية و تحقيق العدالة و المسؤولية بالجزاء ، يجب بالتالي إعادة هندسة العلاقات بين السلطتين التشريعية و التنفيذية بجعل هذه الأخيرة نابعة بالضرورة من انتخابات حرة ، نزيهة ، تعددية و منتظمة. , عليها أن تكون مسؤولة أمام ممثلي الشعب ليس فقط دوريا و لكن بصفة مستمرة مع مراعاة قيم الكفاءة ، الاستحقاق، الفعالية و الجزاء . فالتباين السلطوي من هذا المنظور يقتضي مجموعة من الشروط التأسيسية و منها :
-1- ضرورة تكريس محورية المواطن في العملية السياسية مع جعل حقوق الإنسان الخارطة القيمية الموجهة لتفاعلات الدولة و المجتمع .
-2- ضرورة تمكين السلطة القضائية المستقلة من أن تلعب دورا فعالا في درء الفساد و معاقبة التعسف .
-3- جعل المشاركة السياسية حركية بناءة في عمليات التجديد المؤسساتي ، التداول السياسي و المراقبة على السلطة التنفيذية .
-4- ضرورة إعادة النظر في قاعدة الحصانة بتقييدها أكثر أو نزعها لمنع تعدي بعض البرلمانيين على القانون وإفلاتهم من العدالة خاصة في مسائل الفساد و جرائم القانون العام.
فالتباين السلطوي، من هذا المنظور، يهدف لخلق توازن وظيفي بمنع هيمنة سلطة على أخرى مع مساهمة السلطة التنفيذية في التشريع " الإاستعجالي " وقدرة السلطة التشريعية على المساهمة الفعلية في صناعة السياسيات العامة و التأثير على القرارات الوظيفية باسم الفعالية ، العقلانية و الأداء و تحقيقا لحاجات الإنسان و حقوقه .